الأخبار

الإثنين, 20 سبتمبر, 2021

كلمة نائب وزير شؤون المغتربين في ملتقى نحن اليمانيون العائلي الثالث بتركيا

بسم الله الرحمن الرحيم

 
الحضور جميعاً كلاً باسمه وصفته، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنه لمن دواعي سروري ان اكون معكم و ان هذا النشاط النخبوي الاسري الذي يهدف الى الحفاظ على الهُوِية الوطنية وتبادل الآراء والخبرات الأسرية والنخبوية وتعزيز الاخوة وتوثيق الروابط الاجتماعية بين أبناء الجالية .
واتوجه هنا بالشكر الجزيل لكل المنظمين والقائمين على هذا الفعالية الرائعة، واخص بالذكر جمعية الصداقة والتعاون اليمنية.. وأيضاً لكم جميعاً على هذا الحضور البهي، كما أوجه الشكر والتقدير للإخوة في جمهورية تركيا حكومة وشعباً على كل ما يقدمونه لأبناء شعبنا اليمني المقيمين في أراضيهم، حيث ترتبط بلادنا والجمهورية التركية بروابط تاريخية وثقافية واجتماعية متينة وراسخة منذ قرون، فقد كانت تركيا مقصداً لكثير من أبناء شعبنا على مر التاريخ ومختلف محطاته، للاستثمار والعلم والسياحة، ومؤخراً، ملجأ آمناً لكل اليمنيين. 
 
الاخوة والاخوات الحاضرون جميعا:
يطل علينا مجدداً، بعد أيام، عيد أعياد اليمن ويومنا الوطني الأبرز والأكبر وتحل علينا مجدداً ذكرى ثورة اليمن العظيمة، ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة والظافرة في ذكراها التاسعة والخمسين، المناسبة الوطنية التي نتشارك فيها جميعاً كل أبناء الشعب التهاني والتبريكات بها، وكذلك بثورة الرابع عشر من أكتوبر التحرير، وكل عام وأنتم واليمن والجمهورية بخير وحرية ونصر واستقرار وأمان. 
 
الحضور جميعاً :
لا يفوتني هنا أن أنقل لكم تحيات معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين وتحيات إخوانكم في وزارة شؤون المغتربين، على جهودكم المبذولة للتمثيل الراقي والحضاري لبلدكم الحبيب في دول المهجر، وإسهاماتكم الفاعلة في مناصرة ومساندة المعركة الوطنية ، وإننا نؤكد دوماً التزامنا بمسؤولياتنا وواجبتنا الوطنية تجاه المغتربين من أبناء شعبنا اليمني العظيم المقيمين في مختلف دول العالم، وندرك الدور الحيوي الكبير لهم في بناء اليمن الغالي وإسنادهم لجهود التنمية الوطنية. 
 
 
 
الحضور جميعاً:
يقدم المغترب اليمني انموذجاً رائعاً تبقى بصماته الحضارية شامخة وساطعة وراسخة ومؤثرة على مر التاريخ في عديد من دول العالم، وأصبح العديد منهم مصدر فخر واعتزاز لكل يمني، فإلى جانب أنه رافد أساسي للتنمية والبناء في الوطن، فإنه أيضاً يساهم في بناء وتطور وتنمية البلدان التي يُهاجر إليها من خلال نشر القيم وبناء الفكر والإنسان وحفاظه على هُويته الوطنية الأصيلة، الدينية، والثقافية والاجتماعية وغيرها.
 
الحضور جميعاً:
يطيب لي في هذا المقام أن أُذكركم بأهمية الحفاظ على الهُوية الوطنية كموروث وطني للأجيال القادمة، يعتزون به وبالهوية اليمانية ، فبلادنا التي تجمعنا في رحابها تحمل إرثاً تاريخياً وحضارياً كبيراً، وتقع في منطقة جغرافية استراتيجية سكنها أجدادنا العرب، وشيدوا حضارات كبرى ورائدة ما تزال معالمها وآثارها شاهدة على عظمة من سكنوها وعاشوا فيها. 
وأطلقوا عليها بلاد العرب السعيدة أو العربية السعيدة، لما كانت تتمتع به من عمران وزراعة وتطور سياسي وحضاري كبير خلال تلك الحِقبة التاريخية. 
ظل العرب، بعدها ينظرون لليمن باعتبارها مصدر هويتهم العربية وأرض أجدادهم الأولين، الذين تركوا بلاد العرب السعيدة ، ميممين وجوههم صوب الجزيرة والشام والعراق، قبل الإسلام وإلى كل من مصر وشمال أفريقيا وصولاً إلى الأندلس بعد الإسلام، وقد شكلوا حينذاك امتداداً عروبياً لبلادهم الأولى أرض الجنتين أرض سبأ وحمير ومعين، أرض قحطان الطيبة. 
أما في العصر الحاضر بدأت الهوية الوطنية اليمنية بالتبلور خلال خمسة عقود على شكل نظام جمهوري ديمقراطي ،... النموذج المفترض أن يكون مظلةً لكل اليمنيين وهي إحدى ثمار نشوء وتشكل فكرة الدولة الوطنية الحديثة، دولة ما بعد الإمامة شمالاً والاستعمار جنوباً "الجمهورية اليمنية".
وهي ذلك الوعاء الوطني الكبير الذي يعترف بكل طوائف ومكونات المجتمع، ويوثقها ويستوعبها، ويخلق منها وبها كياناً كبيراً يمثل الجميع، ولا يقصي أو يلغي أحداً، بل يقوّيه داخل الإطار الوطني العام الذي يقوّي كل مكوناته.
وهي هُوية لا تنسى عروبية اليمن ولا إسلاميته، وإنما تتكامل الهوية اليمنية بعروبيتها وإسلاميتها وعالميتها معاً.
 
الحضور جميعاً:
تلك الهوية الوطنية اليمنية تواجه اليوم خطراً حقيقياً من قبل الميليشيا التي تحمل مشروعاً يسعى إلى فرض نمطها ورؤيتها الدينية والسياسية والثقافية على المجتمع اليمني، فرضاً وقسراً وتحت شعاراتها الطائفية والمذهبية والعنصرية المتطرفة والشعبوية التي تريد من خلالها تشكيل هويةٍ مذهبيةٍ طائفيةٍ سلاليةٍ ضيقةٍ للمجتمع اليمني، الكبير والمتنوع. 
ولا يخفى على أحد اليوم خطورة هذا المشروع الإمامي الرجّعي القائم على خرافة إدعاء الحق الإلهي في حكم الناس، وما يحمله من أجندة خارجية تهدد البنية المجتمعية والوحدة الوطنية والهوية اليمنية، إضافة إلى التهديدات الكبيرة لهوية الأمة العربية والإسلامية، خدمة للمشاريع التخريبية والطائفية في المنطقة. 
 
الحضور جميعاً:
ومن اجل الحفاظ على هويتنا يقدم شعبنا العظيم نضالات كبيرة وجسيمة ويبذل تضحيات بطولية عظيمة في مختلف الجبهات والميادين وعلى امتداد رقعة الجمهورية اليمنية، وفي مختلف المجالات العسكرية والسياسية والفكرية والاقتصادية وغيرها.
ويجسده بوضوح البطولات الأسطورية لأبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ورجال القبائل الذين يلقنون المليشيات الحوثية دروساً يومية على امتداد جبهات المعركة في مارب والجوف والبيضاء وشبوة وتعز والضالع والحديدة وغيرها من جبهات استعادة الدولة. 
 
الحضور جميعاً:
إن تلك الانتصارات المستمرة والتضحيات البطولية والصمود الاسطوري في وجه المشروع الحوثي الإيراني تحتاج إلى مساندتنا المتواصلة ودعمنا اللامحدود كنخب ووجاهات وطنية سياسية ومثقفة، ويحتاج منا جميعاً إلى مزيد من الاحتشاد والمساهمة الفاعلة في مختلف الجوانب والمجالات في سبيل حسم المعركة الوطنية وإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية ومؤسساتها وإنقاذ أبناء شعبنا اليمني العظيم من كارثية المشروع الحوثي .
 
إخواني وجاهاء واعيان بلادنا في تركيا:
إن عمليات التحولات التاريخية الناجحة اعتمدت على وجود نخب ووجاهات وطنية مثقفة أمثالكم تحملت المسؤولية في تحديد المبادئ العامة لتلك التحولات والقدرة في ترسيخها لدى أفراد المجتمع وفرضها على النخب الحاكمة ووضع الضمانات المتينة لحمايتها والالتزام بها وهو ما لم يتوفر بالشكل المثالي لبلادنا خلال التحولات الوطنية المتعددة.
فنحن اليوم بحاجة إلى تفعيل الدور التنويري للنخب والوجاهات الوطنية للعمل على تنمية وخلق ثقافة سياسية ذات أطر فكرية علمية، تعزز الحفاظ على الهوية الوطنية وتعمل من خلال منظومة تعاونية، من أجل البناء الوطني والدفاع عن الدولة من خلال أثارة مقومات حماية الهوية الوطنية لمواجهة أحداث الخلل في الكيان العام للدولة والمجتمع، وكذلك الدفاع عن هوية المجتمع وحيويته من خلال تحقيق تفاعل إيجابي وبناء ومؤثر مع معطيات المعركة الوطنية الجارية.
فكما تساهم النخب المثقفة والوجاهات الوطنية في بلورة ونشر ثقافة الحوار وترسيخ قيم التسامح والتصالح فيما بين مكونات المشروع الوطني وكذلك طرح روئ تنويرية ناضجة للخروج من الوضع المأزوم بما يلبي تطلعات أبناء شعبنا اليمني العظيم، كذلك فإنها تتحمل مسؤولية أخلاقية في حماية المكتسبات والثوابت الوطنية ومراقبة الوضع العام والمساهمة في ضبط عجلة البناء والتنمية.
وبالنظر الى واقعنا اليمني اليوم وما يشهده من تحديات حالية وتهديدات مستقبلية على مختلف المستويات والأصعدة جراء انقلاب مليشيا الحوثي، فيجب على النخب والوجاهات الالتحام بالمجتمع أكثر من أي وقت مضى لتحرير المواطن مما علق في قناعاته من أفكار مشوهة وحمايته منها، كذلك لكي تصبح رؤاها وما تطرحه وتمارسه انعكاساً حقيقياً لهموم المجتمع وتطلعاته، إضافة إلى تعزيز الثقافة والوعي بالحقوق السياسية والمدنية وترسيخها في الوعي المجتمعي العام وارشاده للوسائل العصرية الناجعة لاستعادة حقوقه ودولته وحمايتها من أي محاولات مستقبلية للاستبداد الداخلي أو الاستقطاب الخارجي، وفقاً للمصلحة الوطنية والعربية الإسلامية.
 
ختاماً:
أجدد الشكر لكم جميعاً على حضوركم الموقر وكرم المشاركة في هذه الفعالية المثمرة بإذن الله تعالى إحدى الوسائل الهامة في عملية الحفاظ على الهوية الوطنية ومساندة المعركة الوطنية ونتمنى الخروج منها بنتائج فاعلة تصب في خدمة المشروع الوطني ومعركته الحالية، ونؤكد أننا في وزارة شؤون المغتربين سنكون لكم ولكل أبناء شعبنا عوناً وسنداً في دول المهجر وأينما كانوا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
نائب وزير شؤون المغتربين 
الدكتور محمد محمد العديل
تركيا، 17 سبتمبر 2021